بسم الله الرحمن الرحيم
ملخص بحث بعنوان
الفتوة بين الجاهلية والإسلام
لا شك لديّ في أنّ المفردات في اللغة تنشأ ، وتتطوّر عبر العصور التاريخيّة كما ينشأ ويتطوّر أي شيء في هذه الحياة ، ومَنْ يُتابع نشأة كلمة الفتوّة ، وتطوّرها ما بين العصرين الجاهلي والإسلامي يطمئن إلى ذلك ؛ فكلمة الفتوّة تعني في الأساس : الشباب القويّ ، ثمّ لحقت بها صفات مُحدّدة جعلتها تنطبق على فئة خاصة من الشباب في المجتمع الجاهليّ تميّزت بشكل واضح عن فئة ثانية ظهرت في المجتمع الجاهلي ، ألا وهي الصعاليك .
وفي العصر الإسلاميّ تطوّر معنى الكلمتين تطوّرًا جعل التمايز بين اللفظتين ، والفئتين الاجتماعيتين لافتًا ، وأصبح الفرق بينهما كبيرًا.
أضفى الإسلام على المجتمع العربيّ ، ثمّ على المجتمع الإسلاميّ فيما بعد صفات كثيرة جعلته يمتاز عن باقي المجتمعات التي تشكّل منها بشكل واضح ، وعليه استطاع أن يُكوّن حضارة إسلاميّة مُتميّزة في كثير من مظاهرها ، التي منها بعض التشكيلات الاجتماعية ، ويمثّلها موضوعنا في هذا البحث ، وهو الفتوة وتطورها بين الجاهلية والإسلام .
في هذا البحث سأتحدث عن معنى الفتوة في العصر الجاهلي ، وظهور فئة الفتوة فيه وتميّزها عن غيرها من فئات المجتمع ، ثم عن أثر الإسلام في إعادة تشكيل هذه الفئة ، وتحديد صفاتها ، وتطوّرها في الإطار الصوفيّ ، ثمّ الأسباب التي دعت الخليفة العباسي الناصر لدين الله (ت 622هـ) إلى إعادة تشكيل هذه الفئة ، وتنظيمها في إطار اجتماعيّ وسياسيّ خاص .