التخطيط في فلسطين لا يؤثر فقط في إمكانيات التطور والازدهار المستقبلي للفلسطينيين بل يؤثر كذلك في آفاق هويتهم واستقلاليتهم وحقهم في الحياة على أرضهم. إن المساحة المحدودة للأراضي الفلسطينية والزيادة المطردة في عدد السكان وزيادة الطلب على الموارد (وأهمها الأرض) يتطلب تنظيماُ عقلانياً ومستداماً لاستخدامات الأراضي وتخطيطاً سليماً لها، ويفرض على متخذي وصناع القرار وضع الخطط والسياسات للتطوير وبناء مؤسسات التخطيط التي تقوم بتوجيه وإدارة عملية التخطيط العمراني.
سعت المؤسسات الفلسطينية المعنية بالتخطيط العمراني جاهدة للاستجابة للتغيرات والتحديات المفروضة على التوسع العمراني، وذلك بإيجاد آليات مبتكرة مثل ادخال نهج التخطيط التنموي الاستراتيجي على المستويين المحلي والإقليمي وكذلك نهج التخطيط العمراني المشترك من خلال تطوير أدلة خاصة في محاولة لتحقيق تنمية عمرانية مستدامة، بناء وتطوير عمليات تخطيط عمراني فاعلة وتطوير قدرات وإمكانات سلطات التنظيم لإدارة عمليات التخطيط العمراني على المستوى الوطني والإقليمي والمحلي. كما عملت على الربط بين كلا النهجين.
من جهة أخرى هناك عدد من الصعوبات والمعيقات المتعلقة بالمجتمع والمؤسسات الفلسطينية التي تحول دون تطبيق المفاهيم والسياسات التخطيطية على أرض الواقع، مما يحد من تحقيق الغايات والأهداف التخطيطية والمساهمة في التغلب على المشاكل التي تواجه التجمعات السكانية الفلسطينية.
يعرض هذا البحث سياسات وآليات التخطيط العمراني التي تم تطويرها وممارستها من قبل مؤسسات التخطيط الفلسطينية ومدى مساهمتها في مواجهة التحديات والمعيقات من جهة ومدى القدرة على التطبيق الفعلي والحقيقي لهذه السياسات على أرض الواقع من جهة أخرى.