يثير قارئ رواية ممدوح عدوان (1941 - )(1) "أعدائي"(2) (2000) وهو يبحث عن صورة اليهود فيها أسئلة عديدة أبرزها :
-هل تختلف صورة اليهود فيها عن الصورة التي أظهرتها لهم النصوص الأدبية العربية السابقة ؟
-ما المصادر التي اعتمد عليها الكاتب في أثناء تشكيله نصه ، بخاصة فيما يمس اليهود ؟
وتجدر الإشارة إلى أن ممدوح عدوان كتب عن مرحلة زمنية لم يكن شاهداً عليها ، فالزمن الروائي يمتد ما بين 1914 و 1918 . وهذا يعني أن عدوان لم يكتب عن تجربة معيشة وعن أشخاص عرفهم عن قرب ، وكتابته عن اليهود هي كتابة تتناسل من كتابة ، ونصه هو ثمرة نصوص عديدة ، كان للمخيلة دور في إنجازه .
واعتماداً على النصوص الفوقية يمكن القول إن المؤلف كان يسقط بعض تجاربه المعيشية على بعض شخوص روايته ، وهذا يعني أن الزمن الكتابي كان يترك أثراً على الزمن الروائي . يقر ممدوح عدوان في بعض المقابلات التي أجريت معه بهذا ، ويقول لفيصل درّاج :
"في روايتي الأخيرة "أعدائي" شاب يحب ظل فتاة ، هذه التجربة هي تجربتي أنا ، أنا فعلاً أحببت ظلاً ، وفي الرواية أيضاً موقف المبغى الذي لا ينسجم فيه إبراهيم ويهرب منه ، هذا حدث معي أيضاً . كان في دمشق مبغى ، ارتفع مكانه مبنى كلية الهندسة الآن ، وقد أخذني إليه صديقي (مدعوا طبعاً) وحدث معي ما حدث لإبراهيم ، والأهم من ذلك أن التجربة الجنسية الفاشلة التي حدثت لإبراهيم ، إذ رأى وجه أبيه في الصورة المعلقة لزوج المرأة المغوية ، هي تجربة حدثت معي أيضاً ، وكنت في السنة الجامعية الأخيرة"(3) .
ولا يستطيع المرء ، وهو يقرأ الرواية ، أن يغض الطرف عن تأثير الزمن الكتابي على الزمن الروائي ، وعن الفارق بينما يصدر عن الشخوص حقيقة ، وما ينطقها به المؤلف الذي أظن أنه هو السارد نفسه ، وأنه أيضاً يقف وراء كثير من كلام شخوصه .