يتمثّلُ مدلولُ التعاقبِ في المستوى النحويِّ أنْ يتعاقبَ شيئانِ، ويخلفَ أحدُهما الآخرَ ، فإذا جاءَ أحدُهمـا سقطَ الآخرُ، لذا فلا يصحُّ الجمعُ بينَ المُعاقِبِ والمُعاقَبِ، ولا بدَّ من وجودِ أحدِهما. والتعاقبُ واحدٌ من المصطلحاتِ النحويّةِ التي كثرُ دورُها في كتبِ النحويينَ، والتي اعتمدُوا عليها، وفسّرُوا في ضوئِها جملةً من مسائلِ النحوِ وقضاياهُ.
وقد حاولَ هذا البحثُ أنْ يقفَ على المسائلِ النحويّةِ التي فُسّرتْ في ضوءِ التعاقبِ، وأنْ يجمعَها ويَلمَّ شتيتَها، وما تناثرَ منها في أبوابِ النحوِ، لتوضيحِها وتِبيانِ مفهومِ التعاقبِ وأثرِه في النحوِ. فبيّنَ البحثُ أنَّ النحاةَ ركنُوا إلى التعاقبِ، واتّخذُوا منهُ علّةً يعتلُّونَ بها لتأييدِ مذاهبِهم والاحتجاجِ لها، وبيّنَ أيضًا أنَّ الظاهرةَ موضعَ التعاقبِ ليسَتْ محلَّ إجماعِ أهلِ العربيّةِ وأربابِ الصناعةِ النحويّةِ. فالنّحاةُ ليسُوا سواءً في قبولِهِ والأخذِ بهِ، مُفسِّرًا مُوجِّهًا المسألةَ النحويَّةَ الواحدةَ. ومسائلُ هذا البحثِ، في مُجملِها، مسائلُ تكشفُ عن سَعَةٍ في أساليبِ العربيّةِ، وتفصحُ عن لُطفٍ ودقّةٍ في التنظيرِ النحويِّ.
Journal
Title
مجلة دراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية، الجامعة الأردنية ـ عمّان، المجلد31، العدد 2،2004 ، ص285ـ300