حماية وصون الت ارث المعماري في وقت الحروب والكوارث الطبيعية
المسجد العمري الكبير بمدينة غزة أنموذجا
في الثامن من ديسمبر عام 2023م تعرض المسجد العمري الكبير بمدينة غزة لضربة شرسة وجهها
له االحتالل اإلسرائيلي عن عمد في معركة » طوفان األقصى« وية المعمارية والحضارية
ُ
ا محو اله
ً
، قاصد
للمدينة. و هو قصف وهدم ممنهج تتعرض له العديد من المواقع األثرية والمعمارية -ليس في غزة وحسب بل
ً في العديد من المدن الفلسطينية - ويعد مسجد العمري
واحدا من أقدم مساجد المدينة وأعرقها، ليس فقط في غزة
ً بل في فلسطين ككل؛ ا على
فقد شهد هذا المسجد عدة تحوالت مهمة وبقي شاهد تحوالت سياسية ودينية جمة.
ومن هنا تأتي أهمية اختيار »المسجد العمري الكبير« في غزة؛ كحالة للدراسة لتسليط الضوء على
أهمية وضرورة حماية الت ارث المعماري والفني وصونه بشكل عام، وتراث فلسطين وغزة بشكل خاص . وذلك
من خالل اعتماد منهجية الد راسة الوصفية والتحليلية م ا؛
ً
ع من
ً
بدء تتبع تاريخ المسجد وما مر به من تحوالت
معمارية وسياسية، وتفنيد أهميته و قيمته المعمارية والحضارية والفنية، وبيان الدمار الذي لحق به إثر تعرضه
لقصف متعمد ؛ )األولى في العام 2014م، والثانية في ديسمبر 2023م(. والتي لألسف الشديد أدت إلى تحويل ه
إلى تالل ردم من التراب والحجارة؛ تحمل في باطنها إرثنا وتاريخنا المشترك.
ُب الد ارسة، من خالل طرح مجموعة من األسئلة و الوصول إلجابات علمية قابلة
ومن ثم، نأتي لـ ل
للتنفيذ ؛ حول: كيف نصون ونحمي ت ارثنا المعماري من مثل تلك السيناريوهات المتكر رة، سواء كانت في صورة
هجوم غاشم وتدمير متعمد من قبل قوة مسلحة هد
ُ
ترى في وجود هذا الموروث خطر ي د أمنها ووجودها؟ ليس
ًض ذلك فحسب؛ بل كيف لنا أن نحمي تلك الآل ا
لئ من خطر الكوارث الطبيعية أي ؟ فالتاريخ حافل بأحداث
مفاجئة – لعل أشهرها الزالزل – أدت لتهدم أجزاء معمارية من منشآت عدة أو ربما تهدم األبنية بشكل كلي...
وغير ذلك من أسئلة تتشابك وتتضافر للوصول لنتائج حول آليات صون هذا الت ارث قبل وبعد التعرض لمثل
تلك األزمات والكوارث، وصونها أثناء المحن. و كيفية استعادتها من جديد من خالل عمليات الترميم الدقيق أو
إعادة بناء األجزاء المتضررة أو إعادة بنائها ككل – بالتطبيق على مسجد العمري الكبير في غزة – وأساليب
توثيق الوضع الحالي بشكل علمي، و بدء عملية ا
ً
الترميم من جديد، باستعادة عناصره وتفاصيله المتنوعة، اعتماد
ً واستناد ا على ً على الصور الفوتوغرافية األرشيفية
ا لمخططاته الموضوعة. واعتماد أحدث التقنيات واإلمكانيات
الممكنة للوصول لذلك، وإشراك المنظمات الدولية في هذا الشأن سواء بالدعم المادي أو الفني، واألهم هو بل
ُ
س
إشراك المجتمع المحلي كعنصر فاعل في حماية هذا اإلرث.
الكلمات الدالة:
الجامع العمري، مدينة غزة، معركة طوفان األقصى، اليونسكو، حفظ التراث وحمايته، التنمية المستدامة،
إعادة اإلعمار.
د.ميرفت عياش
أستاذ مساعد
جامعة النجاح الوطنية/ نابلس- فلسطين
كلية الفنون الجميلة
دائرة الفنون التطبيقية
[email protected]