يناقش البحث حكم محكمة النقض الفلسطينية المنعقدة في رام الله (نقض حقوق رقم (660/2019) الصادر بتاريخ 25/07/2021) والمتعلق بالتفرغ في عقد العمل؛ حيث اكتفت المحكمة بمعالجة السبب الأول من أسباب النقض، فقد تطرق الحكم إلى "التفرغ في العمل" مشيراً إلى أنه ليس عنصراً من عناصر الإشراف والتبعية اللذين يميزان عقد العمل عن غيره من العقود، كعقد المقاولة مثلاً. إذ سبّبَ الحكم قضاءه بما أورده قانون العمل الفلسطيني من تعريف لعقد العمل، وكذلك الفئات المستثناة منه؛ دون اشتراط توفر التفرغ في العمل، وأن اعتبار محكمة الاستئناف هذا العنصر شرطاً لازماً لإسباغ وصف علاقة العمل على العقد؛ إنما هو من قبيل التزيد على القانون، وبذلك تكون محكمة الاستئناف قد جانبت الصواب.
وقد رأينا أن المحكمة قد أصابت في حكمها وتسبيبها، ودللنا على موقفنا بأسانيد تشريعية وقضائية، متمثلة في موقف القانون الفلسطيني (مجلة الأحكام العدلية وقانون العمل) الذي لم يشترط التفرغ بالعمل، وقد قارنا هذا الموقف مع موقف التشريع الأردني الذي اشترط التفرغ في العمل، ووضحنا تبعاً لذلك مفهوم التفرغ في العمل، ومدى مشروعيته، وأثر مخالفة الشرط الوارد بشأنه، كما أشرنا إلى اجتهاد قضائي أردني -نؤيده- وإن كان مخالفاً للاجتهاد السائد، يذهب إلى عدم اعتبار التفرغ عنصراً من عناصر عقد العمل. ورأينا أيضاً أنه حبذا لو يتبنى القانون الفلسطيني أو -على الأقل- القضاء الفلسطيني مبدأ يقضي بعدم مشروعية الاتفاق في عقد العمل على شرط التفرغ، بل اعتباره تعسفياً، ووضحنا مبررات هذا الموقف.