استطلاعات الرأي في الانتخابات التركية: التأثيرات الأيديولوجية والتوظيف السياسي
Publication Type
Original research
Authors
Fulltext
Download

تُعالج الدراسة قضية إعلامية/سياسية مهمَّة؛ كشفت عنها الانتخابات البرلمانية التركية التي جرت في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2015، وترتبط باستطلاعات الرأي العام وآليات عملها، وتناقضات تقديراتها وتوقُّعاتها، وتأثيرات ذلك في مُخْرَجَات العملية الانتخابية؛ فضلًا عن الإشكالية الأخلاقية التي تطرحها أساليبها البحثية؛ إذ يُلاحَظ الفارق الواسع في تلك التوقُّعات والتقديرات والنِّسب والأرقام التي نشرتها مراكز وشركات استطلاع الرأي في تركيا، سواء بمقارنة بعضها البعض أو مقارنتها بالنتائج الرسمية النهائية.

ولدراسة أبعاد هذه القضية اعتمد الباحث بشكل أساسي على المنهج الوصفي التحليلي في مقاربة دور استطلاعات الرأي العام في الانتخابات التركية، واستخدم أداتين أساسيتين في جمع البيانات وتحليلها، وهما: الملاحظة والمقابلة. وفيما يتعلق بمراكز استطلاع الرأي؛ التي شكَّلت عيِّنة الدراسة، فقد رصد الباحث نماذج من هذه المراكز والمؤسسات عِوضًا عن عشرات الشركات الناشطة في تركيا، ومنها شركة عادل غور Adil Gür، ومركز دنغة Denge، وشركة كورد تيك Kurd Tek، ومؤسسة أرجيتوس Argetus، وشركة سونار Sonar؛ وبعضها معلوم التَّوجُّه، من ناحية القرب من السلطة أو المعارضة، وبعضها غير معروف التَّوجُّه. أمَّا الإطار الزمني؛ الذي أُجريت خلاله هذه الدراسة، فهو يمتدُّ بين 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 و23 ديسمبر/كانون الأول 2015؛ أي: إن العمل فيها بدأ بعد أسبوع من انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني واستمر شهرًا ونصف.

وقد رصدت الدراسة أهم مؤسسات استطلاع الرأي في تركيا، وعرضت النتائج والتقديرات التي أفرزتها قُبَيْل الانتخابات، وفكَّكت تناقضاتها وإخفاقاتها، كما حلَّلت أهم أسباب إخفاق هذه المؤسسات البحثية ومراكز استطلاع الرأي في توقُّع نتائج صحيحة أو قريبة من الصحة. وأوضحت الدراسة أن الأيديولوجيا والولاء السياسي للقائمين على الاستطلاعات، والمؤسسات البحثية، كان من أهم أسباب ذلك الإخفاق أو الفشل، ثم هناك ضعف أخلاقيات البحث العلمي لدى بعضها، وعدم الالتزام بالمعايير العلمية والمهنية عند بعضها الآخر، والإفراط في الثقة والاعتماد على التكنولوجيا عوضًا عن الجهد البحثي الميداني؛ فضلًا عن الظروف السياسية والأمنية الاستثنائية التي جرت فيها انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2015، ولا يُستثنَى أيضًا عنصر عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات أو تعذُّر ذلك عليهم، إضافة إلى عدم الاتزان والشمولية في تحديد مجتمع البحث واختيار العينة الـمُمَثِّلة.

ويؤكد الباحث أن الاعتذارات؛ التي قدَّمها القائمون على مؤسسات ومراكز استطلاع الرأي بعد الإخفاق والفشل في توقُّع النتائج، تدلُّ على أن هناك اعترافًا بالخطأ الذي وقع فيه هؤلاء وإدراكًا لأبعاده، وهو ما قد يُشكِّل إشارة إيجابية للمستقبل؛ إذ إن جودة وكفاءة استطلاعات الرأي العام قد تشهد تطورًا وتحسُّنًا. لكن الاعتماد على النقد الذاتي لمديري شركات ومراكز الاستطلاع يبدو غير كاف للوصول إلى ذلك المستوى المتطور؛ فربما راجع البعض خطأه بينما لا يزال البعض الآخر عاجزًا عن الانفصال عن البيئة الحزبية والمالية والأيديولوجية التي يرتبط بها.

ولهذه الأسباب مجتمعة، تُوصي الدراسة بأن تتولَّى مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية دورها في إصدار قوانين وقرارات تُنَظِّم عمل مؤسسات ومراكز استطلاع الرأي، وتُحاسب المتجاوزين، لكن في الوقت ذاته يجب أن لا يؤثر ذلك في حرية البحث والرأي.

Journal
Title
مركز الجزيرة للدراسات
Publisher
Al Jazeera Centre for Studies
Publisher Country
Qatar
Publication Type
Online only
Volume
--
Year
2016
Pages
1-21