لطالما كان هناك خلاف حول حقيقة الوصف القانوني لمهمة المحكم وللمحكم ذاته ، هل هو قاض مثله مثل القضاة النظاميين سوى أنه يعمل خارج المحكمة ، وهل له ما لهم من صلاحيات وعليه ما عليهم من واجبات ، حيث تبين بالبحث أن الرأي القائل بأن المحكم يمارس مهمة قضائية وأنه يشبه القاضي يتضمن الكثير من الصحة ، إلا أنه لا يتضمن صحة مطلقة ، ذلك أن المحكم وإن كان يشابه القاضي في أكثر من جانب ، مثلاً كلاهما ملزم بمراعاة حقوق الدفاع الأساسية للخصوم ، إلا أنه يختلف عنه في أكثر من جانب من الجوانب الهامة ، ومن ذلك ان المحكم لا يتمتع اصلاً بسلطة الجبر التي يتمتع بها القاضي النظامي.
على الرغم من أهمية تفعيل وتشجيع التحكيم بصفته أحد أهم الوسائل البديلة المستقلة في حل النزاعات بعيداً عن المحاكم النظامية ،وأن في ذلك الخير الكثير ، ومن ذلك تخفيف الضغط عن المحاكم ، إلا أن الحقيقة الثابتة في هذا الموضوع هي أن منظومة التحكيم لا تعمل بشكل مستقل على نحو مطلق عن منظومة القضاء النظامي ، فعدم تمتع المحكم بسلطة الجبر التي يتمتع بها القاضي النظامي تلزم المحكم وأطراف الخصومة التحكيمية بالإستعانة بالمحكمة عند لزوم ذلك إما بهدف ضمان تنفيذ مضمون إتفاق التحكيم أو تعيين المحكمين أو ردهم أو إنهاء مهمتهم ، أو بهدف ضمان تنفيذ مقتضى أحد القرارات الصادرة عن هيئة التحكيم اثناء اجراءات التحكيم ، فقد يكون للمحكمة دور واسع اثناء عملية الفصل في الخصومة التحكيمية ، ومن ذلك إلزام الشاهد الذي يرفض المثول أمام هيئة التحكيم بالمثول أمامها، ومن ثم فإن للمحكمة دور هام فيما يتعلق بمراجعة حكم التحكيم وإكسابه الصبغة التنفيذية بداية من خلال نظر الطعن الذي يقدم من احد الأطراف على حكم التحكيم ، ووصولاً إلى تصديقه والأمر بتنفيذه عند توفر شروط ذلك ، حتى أن المشرع في قانون التحكيم الفلسطيني رقم (3) لسنة 2000 قد أضاف إلى عدم تمتع المحكم بسلطة الجبر مبرراً آخر لإستعانة المحكم بالمحكمة ، وهو الخبرة والمعرفة لدى القضاة النظاميين في مجال أصول المحاكمات وفروع القانون الأخرى ذات الصلة عندما نص على حق هيئة التحكيم في الإستعانة برأي المحكمة المختصة بشأن أي نقطة قانونية تنشأ خلال نظرها للخصومة التحكيمية (م.17)