إن الأمن والإنساني ذات طبيعة عالمية وهو مهم للناس في كل مكان الأغنياء والفقراء على السواء، حيث ثمة تهديدات مشتركة بالنسبة لجميع الناس مثل البطالة والمخدرات والجريمة والتلوث وانتهاكات حقوق الانسان.
قد تختلف حدة هذه المشكلات من بلد الى آخر، ولكن جميع هذه التهديدات تظل ظاهرة متنامية.
العلاقة بين الأمن الإنساني والتنمية علاقة جدلية واضحة، فالتقدم في مجال من هذين المجالين يفرز إحراز تقدم في المجال الآخر.
وهناك مكونان أساسيان للأمن البشري:
في البلدان المتقدمة يشكل الطرف الإداري أي التحرر من الخوف حيزاً كبيراً من تفكير الناس هناك، فهم يشعرون أن ما يهدد أمنهم هو خطر الجريمة وحرب المخدرات، أما في البلدان الفقيرة يحتاج الناس الى التحرر من التهديد الذي يمثله الجوع والمرض والفقر وعدم وجود مأوى، حيث يعيش أكثر من ثلث السكان تحت خط الفقر.
إن أهم عناصر الأمن الإنساني ما يسمى بالأمن الشخصي في الأمم الفقيرة كما في الأمم الغنية، فهناك أنواع كثيرة من الأمن: الأمن النفسي، الأمن الغذائي، الأمن الاجتماعي، الأمن الثقافي والفكري، الأمن الاقتصادي، الأمن المائي.
وينشأ الأمن النفسي نتيجة تفاعل الانسان مع البيئة المحيطة من خلال المخبرات التي يمر والعوامل البيئية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تؤثر على الفرد، ومنذ عشرات السنوات يعيش الشعب الفلسطيني أقصى سنوات الاحتلال وأشدها وطأة في كافة مناطق الضفة وقطاع غزة، الأمر الذي دفع الفلسطينيين في هذه المناطق المحتلة منذ عام 1967م ثمناً باهظاً بشرياً ومادياً جراء استمرار الاحتلال وتصاعد إجراءاته القمعية، بالإضافة إلى حصار الناس وزعزعة الحس بالأمن لديهم.
ويعتبر الأمن النفسي من الحاجات الهامة لبناء الشخصية الانسانية، حيث إن جذوره تمتد إلى الطفولة، فالأمن النفسي يعتبر من الحاجات ذات التربية العليا للانسان، لا تتحقق إلا بعد تحقق الحاجات الدنيا للانسان.
وقد اهتم علماء النفس بالعديد من علماء النفس بدراسة السلوك الإنساني التي من بينها دافع الأمن، ومن أشهر هؤلاء العلماء ابراهيم مازلو الذي قسم دوافع السلوك الى خمسة دوافع جعلها تنتظم في شكل هرمي قاعدته الأساسية هي الحاجات الفسيولوجية، يليها مباشرة الحاجة الى الأمن، واعتبر أريكسون الحاجة إلى الأمن باعتبارها من أهم الدوافع التي تحرك السلوك الإنساني.
إن الأمن النفسي الشخصي يرتبط بالأمن العالمي، وأن أمن الإنسان وأمن المجتمع وأمن الدولة باعتبارها وجوهاً متعددة لحقيقة واحدة لا يمكن فصل عناصرها.
على ضوء ما سبق، تتضح لنا العلاقة الوثيقة بين الأمن الوطني، والأمن التربوي لدرجة يمكن القول معها، أن الأسلوب الأمثل لتحقيق الأمن الوطني الشامل ينبغي أن يكون عبر بوابة التنمية الأمنية الوطنية المستدامة، ولتحقيق ذلك أيضاً لا مناص من أن يحظى الأمن التربوي بالأولوية القصوى.
إن الأمن التربوي بما يحمله من مسؤولية كبرى في بناء الأجيال وتشكيل المنظومة القيمية والمعرفية والمهاراتية لجميع أفراد المجتمع، وما يستتبع ذلك من ممارسات على أرض الواقع يشكل النواة الأساسية لجميع اشكال الأمن الوطني الشامل ولا تقتصر دائرة الأمن التربوي على المؤسسات التعليمية وحدها، بل أكاد أجزم بأن بقية المؤسسات المعنية بالتنشئة التربوية وتتضمن المؤسسة الأسرية (البيت)، والمؤسسة الدينية(المسجد)، والمؤسسة الاعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة بوضفها وسيلة من وسائل التربية الجماهيرية.
فجميع هذه المؤسسات التربوية وغيرها تتحمل دوراً أساسياً في مجال الأمن التربوي، يتطلب التنسيق والتكامل والعمل المشترك جنباً إلى جنب مع المؤسسات التعليمية بمختلف أنماطها ومستوياته.