تُعد الساحة الفلسطينية من الساحات الساخنة في العالم بسبب المواجهات المتواصلة بين المتظاهرين الفلسطينيين وجنود الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى المستوطنين الإسرائيليين في الأراضي الفلسطينية. ويتواجد الصحفيون الفلسطينيون بكثافة في مناطق المواجهات بشكل مستمر، ويتعرضون باستمرار لأشكال مختلفة من الانتهاكات، سواء القتل، أو الإصابات الخطيرة، أو الاعتداءات وتكسير الكاميرات ومعدات التصوير، أو حتى الاعتقال والإهانات المتكررة.
ما يميز الساحة الفلسطينية عن غيرها من مناطق الصراع هو استمرار الصدام بشكل يكاد يكون "أزلي" لا يظهر له أفق للحل أو التفاهم. وبالإضافة إلى ذلك، فإن معظم الصحفيين الذين يغطون الأحداث هم من الفلسطينيين الذين ينتمون إلى الطرف "المقاوم"، أي اعتبار إسرائيل أن هؤلاء الصحفيين قد يشكلون خطرا على الجنود، ربما بدرجة لا تبتعد كثيرا عن "المقاومين" أنفسهم، الأمر الذي يرفع مستوى المخاطر على الصحفيين.
والإحصائيات، والبيانات تدل بوضوح على هذا الأمر، حيث أشار تقرير لجنة الحريات التابعة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين أن ثلاثين صحفيا أصيب بالرصاص خلال شهر أكتوبر الماضي، واستشهد أحد طلبة الصحافة من قطاع غزة أثناء تغطية المواجهات، بالإضافة إلى عشرات حالات الاختناق بالغاز.
في هذه الورقة، سيقوم الباحث بدراسة ثلاثة أمور تتعلق بحماية الصحفيين من المخاطر في الضفة الغربية على وجه الخصوص، بسبب التماس المباشر والمستمر بين المواطنين الفلسطينيين وجنود الاحتلال، وهي:
تعتمد هذه الورقة على منهج البحث الوصفي التحليلي المبني على أداة المقابلات لعدد من الصحفيين الذين يتواجدون بشكل شبه مستمر في مواقع الصدام، والتعرف على إجراءات الحماية والسلامة للصحفيين. وستمشل المقابلات أيضا وزارة الإعلام ونقابة الصحفيين، بهدف التعرف على دور هذه الجهات المؤثرة في صياغة قواعد السلامة للصحفيين، وإمكانية تطوير الآليات المتبعة لحماية الصحفيين، ووضع استراتيجية واضحة لحماية الصحفيين من الاستهداف.