رؤية ابن خلدون للعلوم الدينية في المغرب والأندلس من خلال مقدمته دراسة تحليلية ونقدية مقارنة
نوع المنشور
بحث أصيل
المؤلفون
النص الكامل
تحميل

ملخص

يتناول هذا البحث العلوم الدينية، بمختلف فروعها، في بلاد المغرب والأندلس، من خلال ما ورد في مقدّمة العلّامة عبدالرحمن بن خلدون(ت. 808هـ/1406م)، الذي أفاد بأن كلا البلدين قد شهدا خلال تاريخهما الإسلامي المبكِّر نهضة فكرية وعلمية عزَّ نظيرها، وبخاصّة خلال الفترة الواقعة من تمام الفتح الإسلامي حتى تقهقُر حواضرهما الرئيسية؛ وفي مقدّمتها مدينة القيروان، إثر الهجرات الهلالية التي اجتاحت المغربين الأدنى والأوسط خلال القرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي، وكذلك مدينة قرطبة الأندلسية، التي سقطت بيد الإسبان عام633هـ/1236م.

وكانت مدينتا القيروان وقرطبة تشكلان مراكز إشعاعٍ علمي حضاري في بلاد المغرب والأندلس، وأدى خراب الأولى وسقوط الثانية إلى ضياع عمرانهما، وانقطاع سند التعليم فيهما، وفي المدن المجاورة لهما، انسجاماً مع إدراك ابن خلدون لأهمية المركزية المكانيّة للعلم والتعليم ضمن منظومة نظرية العمران التي جاء بها؛ فإن صَلُحت أحوال الحواضر الرئيسة صلُحت أحوال سائر البلاد، ولذلك لم يكن من المستهجَن أن تكون غالبية الشخصيات العلمية والحضارية التي أتى عليها، من تلك التي تنتمي للفترات المبكرة من تاريخ المغرب والأندلس.

وعلى الرّغم من التشاؤم الذي أبداه ابن خلدون تجاه أوضاع العلم والتعليم في بلاد المغرب والأندلس في عصره؛ إلَّا أن مقدّمته أتت على كثيرٍ من العلماء المغاربة والأندلسيين الذين أسهموا في الإبقاء على اتِّصال سند العلم والتعليم الديني فيهما، وبخاصة بعد خراب القيروان وسقوط قرطبة، وذلك من خلال تآليفهم التي صنَّفوها في مختلف فروع العلوم الدينية؛ كعلوم القرآن، والحديث، والفقه، والفرائض، فحافظوا من خلالها على الوحدة المذهبية السُّنية، التي شكَّل مذهب الإمام مالك بن أنس محورها الرئيس، وحاربوا المذاهب الخارجية والشيعية بلا هوادة، دفاعاً عن السُّنة وأعلامها، ممّا أدى إلى حمايتها من آفة التشتُّت المذهبي الذي ساد في بلاد المشرق، ويرجع الفضل في ذلك أيضاً إلى الدَّوحة الدينية المشرقية التي زخرت بمختلف مجالات علومها، فنَهل منها المغاربة والأندلسيون خلال رحلاتهم المتواصلة إلى بلاد المشرق، فضلاً عن التواصل الحضاري الذي لم يتوقف يوماً، بين العدوتين المغربية والأندلسية، وشكّلت الناحية الدينية أحد أهم مظاهر ذلك التواصل وأسبابه، بتشجيعٍ من خلفاء كلا البلدين وأمرائها.

المجلة
العنوان
جامعة الكويت، المجلة العربية للعلوم الإنسانية
الناشر
مجلس النشر العلمي-جامعة الكويت
بلد الناشر
الكويت
نوع المنشور
Both (Printed and Online)
المجلد
35
السنة
2017
الصفحات
93-134