يتناول هذا البحث موضوع "الحرب النفسية في ضوء غزوة الأحزاب"، كأحد أبرز النماذج التاريخية التي جسّدت الصراع النفسي والمعنوي إلى جانب الصراع العسكري، حيث ركّز الأعداء على تحطيم معنويات المسلمين وزعزعة إيمانهم عبر وسائل نفسية متعددة مثل الإشاعات والتهويل والدعاية واستخدام أسلوب الحصار. ويهدف البحث إلى تحليل هذه الأساليب النفسية وتبيان كيفية مواجهتها من قبل النبي محمد ﷺ وصحابته رضوان الله عليهم بمنهج نبوي متكامل يجمع بين الإيمان وبين الحنكة والتخطيط والحكمة وبين الصبر والوعي والثبات واليقين.
وقد تضمن هذا البحث ثلاثة مباحث رئيسية ففي المبحث الأول تناولنا تعريف الحرب النفسية لغة واصطلاحًا، وبينا أهمية الحرب النفسية في الصراع، مع استعراضنا لأسباب غزوة الأحزاب ومميزاتها ودور القبائل المختلفة في التحالف ضد المسلمين. وأما في المبحث الثاني بيّنا فيه أدوات الحرب النفسية مثل الشائعات، الدعاية، والتهويل، وشرح كيف استخدم الأعداء هذه الأدوات لإضعاف المسلمين، مع إبراز أثرها في زرع الخوف والتشكيك داخل المجتمع المدني. والمبحث الثالث ركز على استراتيجيات النبي ﷺ في التعامل مع الحرب النفسية، مثل التثبت من الأخبار، تقوية الإيمان، بث الأمل، حسن إدارة الإعلام، وتفكيك التحالفات المعادية، مع ذكر دور الصحابة في التحدي والصمود.
وقد توصل البحث إلى أهم النتائج من أبرزها أن غزوة الأحزاب أثبتت أن الحرب النفسية أخطر من المواجهة المباشرة، حيث اعتمد الأعداء أساليب متنوعة مثل الإشاعات والتهويل والتشكيك والحصار لإضعاف صفوف المسلمين دون قتال فعليّ أو اقتتال حقيقي، كما تبين أن المنهاج النبوي في مواجه الحرب النفسية كان بالحكمة وبالتخطيط وبالثبات وبالوعي وبالإيمان، وكان ذلك جليا من خلال التثبت من الأخبار، والتحصين النفسي، وبث الثقة بالله تعالى، مما أسهم في إفشال خطط العدو، وكما تبين أن الصمود النفسي والوعي كانا سببًا رئيسيًا في انتصار المسلمين، مما يجعل غزوة الأحزاب نموذجًا يُحتذى به في كيفية إدارة الأزمات النفسية والإعلامية في الحروب الحديثة.
الكلمات المفتاحية: الحرب النفسية، غزوة الأحزاب، القائد، الصحابة.