يقرأ البحث نسق استلاب التابع في معلّقات عنترة والحارث والنابغة، ونسق إعادة إثبات التابع لذاته، والحجج التي يسوقها في سبيل هذا الإثبات، مفترضًا أنّ المعلّقات، محلّ البحث، فعلٌ ثقافيٌّ يتغيّى أصحابها هدفًا ثقافيًّا، وأنّ المعلّقات لها وَحدةٌ موضوعيّةٌ نسقيّةٌ مضمرةٌ، مهما اختلفت الأغراض الشعريّة في النسق الظاهر.
ويهدف البحث إلى الكشف عن الحيل النسقيّة التي يمارس فيها التابع فعله الثقافيّ، والآليّات التي يؤسّس بها نسق إعادة إثبات الذات، أمام الاستلاب المُثبت بلاوعيه، وبذلك، يتحقّق للبحث استنطاقٌ للمضمر والمعمّى في هذه المعلّقات من حيث كونها فعلًا ثقافيًّا.
وينتهج البحث المنهج الوصفيّ في بَسطه للحوادث الثقافيّة، والمنهج التحليليّ في الوقوف على عددٍ من الأنساق المضمرة في هذه الاستشهادات، متّكئًا على مخرجات النظريّة الثقافيّة، وعلى مفاهيمَ ومصطلحاتٍ ترتبط بالنقد الثقافيّ.
وتوصّل البحث إلى نتائج متعدّدةٍ، أهمّها؛ أنّ الفعل الخطابيّ المناسب قرينٌ بالحصول على ردّ الفعل السّياسيّ والمجتمعيّ المناسب؛ فتحقّقت لعنترة الحرّيّة المطلوبة، وتحقّق للحارث الدّنوّ واستمالة جانب الملك عمرو بن هندٍ، وتحقّقت أخيرًا التّبرئة للنّابغة الذّبيانيّ أمام النّعمان بن المنذر، وأنّ وعي الشّاعر السّياسيّ ضروريٌّ لبقائه حيًّا وذا مكانةٍ معزّزةٍ.