تُسلِّط الورقة الضوء على دور الإعلام التركي وتأثيراته في مسار المحاولة الانقلابية الفاشلة على نظام الحكم في تركيا، في 15 يوليو/تموز 2016، وتناقش استراتيجيات القوى المتصارعة (شبكة العسكريين التي قامت بالمحاولة الانقلابية من جهة، والحكومة والشعب من جهة أخرى) في إدارة واستثمار هذا العنصر لإيصال رسائلهما وخدمة أهدافهما. وترصدالورقة أيضًا أساليب تغطية وسائل الإعلام في تركيا لمسار الانقلاب وتفاعلها مع مجرياته، وتشرح طبيعة الدور الذي لعبه الإعلام الجديد أساسًا بتطبيقاته المختلفة في التخطيط للانقلاب من قِبل شبكة العسكريين، ثم دوره خلال لحظة الانقلاب ومسارعة مسؤولي الحكومة التركية إلى وسائط إعلامية بديلة عن الإعلام التقليدي الذي أحكمت شبكة العسكريين قبضتها على بعض وسائله وحالت دون وصول الحكومة إليه، كما ترسم الورقة خريطة لأبرز وسائل الإعلام في تركيا واتجاهاتها السياسية وموقفها من الانقلاب.
وتخلص الورقة إلى إدراك أطراف الصراع للأهمية القصوى للإعلام؛ ما دفع شبكة الانقلاب إلى السيطرة على المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة، بيد أن التواصل السريع للحكومة والرئيس أردوغان مع الجمهور وبث رسائل إعلامية مُضادَّة تسبَّب في كسر هذا الحظر، وهنا يظهر دور الإعلام كأحد الأدوات النوعية الفعَّالة في تعديل موازين القوى خلال الصراعات والأزمات، لكن هذا لا يعني -حسب الباحث- أن الإعلام وحده يحسم المعارك ويُحقِّق الانتصارات، وإنما باعتماد عوامل قوة كثيرة (صلبة وناعمة). ففي الحالة التركية فشل الانقلاب لاستناد الحكومة على قاعدة مُؤَسَّساتية صلبة، كالشرطة والاستخبارات، يُضاف إلى ذلك عدم مشاركة كل الجيش في الانقلاب، وكذلك وعي الشعب وتوحد الأحزاب السياسية، ولا يمكن إغفال الكاريزما القيادية التي يتمتع بها أردوغان والقرارات الحاسمة التي اتخذتها الحكومة، وعوامل أخرى. لذلك يأتي دور الإعلام هنا مُكَمِّلًا يقترب إلى الدور الأساسي، لكن لا يمكن المبالغة في دوره في إفشال الانقلاب.