لا يقل الصراع الاعلامي بين الفلسطينيين والاسرائيليين أهمية عن الصراع على الارض (وولف سفيلد, 1997). وعلى الرغم من مركزية هذا الدور الاعلامي, فان معظم الدراسات بهذا الشأن قد ركزت على تحليل عام للمحتوى مما يؤدي دوما الى نفس النتائج. وعليه, تقوم هذه الدراسة بتحليل لغوي نوعي ونقدي للخطاب الاعلامي لثلاث منصات اعلامية فلسطينية اثناء حرب غزة 2014. تمثل هذه المنصات المشهد الاعلامي في فلسطين, واختيارها يهدف الى تقديم اراء مختلفة حول الاحداث على الارض. وهدف الدراسة هو كشف الصراعات الداخلية في لغة الخطاب الفلسطيني, وليس البحث عن التماثلات والتشابهات في صناعة الخبر والرواية الفلسطينية. يساعد ذلك في دراسة انماط الخطاب للافكار والايديولوجيات الثانوية في صراعها مع الايديلوجيات المهيمنة.
تشكل مدرسة التحليل النقدي للخطاب الاطار العام لهذه الدراسة, بينما يقوم التحليل على تطبيق طريقة تحليل الاحداث (هاليدي, 1985), ونموذج تحليل تمثيل الشخوص (فان لوفن, 2008), واستراتيجيات التسمية والاشارة (ووداك و ريزيغل, 2009).
تجد الدراسة ان المنصات الاخبارية تستغل تمثيل الاحداث في صراعها على السلطة والتمثيل والشرعية. والاهم من ذلك, تستنتج الدراسة بأن الافكار الثانوية في فلسطين تنافس الافكار السائدة في الثقافة السياسية في المجتمع الفلسطيني. خطابيا, تعتمد الافكار المهيمنة على الوعي العام في بناء صورتها للاحداث, ويقل اعتمادها بشكل واضح على ابراز العوامل والظروف السياقية, بينما تعتمد الافكار الثانوية على ربط منظم ومكثف بين الاحداث وبين السياق, وذلك لتقديم صورة مختلفة عن الصورة السائدة.