الحمد لله الذي أحكم نظم القرآن، فجعله جملة واحدة من أوله إلى منتهاه، أصله ثابت وفرعه مثمر، والصلاة والسلام على نبي الرحمة محمد ﷺ، وعلى آله وأصحاب القرآن، وبعد.
فهم آيات القرآن وتدبرها وحسن استحضارها وحفظها من المقاصد التي حثّ عليها القرآن الكريم، على اختلاف الوسائل المساعدة على الفهم والحفظ في كل زمان ومكان، وفي القرن الذي نعيش برزت الخرائط العقلية كوسيلة من وسائل إدخال المعارف على العقل وفق نظام خرائطي يشبه تركيبة الخلية العصبية، فإذا ما كانت طريقة الإدخال منظمة فيحسن عندها حفظها واستدعائها، مستخدمين بذلك صورا هي انعكاس للمعرفة، وخطوطا متعرجة تحاكي الخيوط العصبية، وألوانا تتميز بها أصول وفروع تلك المعرفة.
وحسن الاستفادة من هذه الوسيلة المعاصرة في فهم آيات القرآن وحفظها، مما تدعوا إليه العقول السليمة، وفق ضوابط تتناسب والقرآن الكريم وأنه كلام الله لا من كلام البشر، لأنّ من المعارف القرآنية ما لا يصلح أن نمثله بصورة، كالآيات التي تتحدث عن ذات الله وصفاته.
ومن العلوم الشرعية التي نعتمد عليها في توظيف الخرائط العقلية في القرآن الكريم، التفسير التحليلي والموضوعي، وعلم المناسبة، وغير ذلك، جاعلا سورة الذاريات هي الدراسة التطبيقية وسميته: " الخرائط العقلية ودورها في فهم القرآن وحفظه، سورة الذاريات نموذجا".