يعتقد الكثير من الباحثين بأن الصراع الاعلامي الفلسطيني-الاسرائيلي لا يقل أهمية عن الصراع على الارض (ولفسفيلد, 1997) وعلى الرغم من ذلك, فان معظم الدراسات بهذا الشأن تعتمد بشكل اساسي على تحليل عام للمحتوى (انظر مثلا كيمف وشينار, 2014), والتي تستخدم طرقا بحثية من الاعلى للاسفل (من التركيبة الاجتماعية والسياسية نحو النص), والتي عادة ما تكشف عن صورة الانا الايجابية وصورة الاخر السلبية. على عكس ذلك, تعتبر هذا الدراسة تحليلا لغويا نقديا ومعمقا للخطاب الاخباري لثلاث صحف اسرائيلية خلال الحرب على غزة عام 2014. تمثل هذه الصحف المشهد الاعلامي الاسرائيلي الموزع ما بين اليمين والوسط واليسار. تساعد هذه الدراسة التوجه المتنامي لدى الدراسات النقدية في الكشف عن التناقضات الخطابية في المجتمع الواحد بدل البحث عن التشابهات والتماثلات.
لتحقق الغاية المذكورة اعلاه, تستخدم هذه الدراسة مدرسة التحليل النقدي للخطاب كاطار عام, وتستعين بادوات تحليلية من هاليدي (1985) وفان لوفين (2008) و وداك و ريزيغل (2009).
تكشف هذه الدراسة عن ان الايديولوجيات الثانوية في اسرائيل تتصارع مع الفكر الصهيوني المهيمن. كما تكشف عن ان الايديولوجيا المهيمنة تستخدم استراتيجيات خطابية مختلفة عن تلك الثانوية. فبينما تفسر الاولى الاحداث بناء على تصورات موجودة سلفا في الثقافة السياسية السائدة, وبالتالي تهمل الكثير من العناصر السياقية المهمة, تقوم الاخيرة بتمثيل الاحداث من خلال الاشارة المتكررة للسياق.